كنت في الفصل القبل الأخير من دراستي للماجستير في الولايات المتحدة عندما علمت أن ابني الصغير يحتاجني كثيرا، مما سيرغمني أن أقطع دراستي كاملة لأتفرغ له. وقتها توجهت لبروفيسور كيتيرير – كفيلي وأخبرته القصة، واقترحت أن أكمل هذا الفصل عن بُعد، وأن باستطاعتي تقديم عروضي وفروضي عن طريق فيديوهات مصوّرة، فنصحني بأن أتكلم مع عميدة الكلية صاحبة الشخصية القوية، وصعبة الإقناع، وقال: “عبير، أدعو لك من كل قلبي، فالدكتورة كلارك لا يمكن أن تقتنع بهكذا فكرة”. فطبعاً كلامه أقلقني، ولكن ثقتي بالله وايماني ويقيني بأن الله سيساعدني جعلني لا أفقد الأمل، فقررت أن اجرب إقناعها. انشغلت كثيرا بتحضير ماذا سأقول لها، استغرقني التفكير عدة ليالي

وفجأة، في فجر أحد الأيام وانا ادعو الله، اكتشفت بأنني كنت طوال الفترة أركز كثيرا على ماذا سأقول لها ناسية أهمية كيف سأوصل قصتي وفكرتي لها. وتكشّف أمامي ما علي فعله تماما لأحقق هدفي. فاستجمعتُ قواي وكلي يقين بأنني سأنجح. توجهتُ أولاً لبروفيسوري المادتين التي سجّلتهم لذلك الفصل، واقنعتهم بفكرتي، بل وعرضوا علي مساعدتي بإقناع العميدة. وعندما حان موعد مقابلتي مع العميدة، كنت جاهزة تماما بماهية الرسالة وكيف سأوصلها لها، وأهمها الصدق، وأن أكون حقيقية وأصيلة وثابتة وواثقة، مما جعلها لا يسعها الا أن توافق على طلبي. وأذكر تماما كلمة البروفيسيور كفيلي: “عبير، كيف سحرتها؟ لا أصدق أنك استطعتي إقناع دكتورة كلارك بهكذا فكرة، هذا شيء شبه مستحيل”. قلت له: دكتور، ذهبت لمقابلتها وانا واثقة بأنها ستوافق، كنت مليئة بالإيجابية، فلم أركز على ما أود قوله بالقدر الذي ركزت فيه على تفسير ما أود قوله بعبارات قوية فعالة، وكيف سأقولها لأجعلها تعيش وضعي معي، وصلتها ذبذباتي الصادقة وشغفي للتعليم

ما أزال أؤمن أن بإمكاننا الحصول على ما نريد حتى مع أصعب أنواع البشر، فقط من خلال التعمق بالتواصل الحرفي الفعّال. وكلما تعمّقت أكثر بهذا المجال، كلما تأكدت بأن مهما تكن رسالتنا سامية ومهمة، ولدينا جميع المهارات التقنية المطلوبة لتنفيذها، فلا نستطيع تحقيقها الّا عن طريق التفكير الإيجابي فالتواصل الحرفي الفعّال