ما الذي دفعني للتعمق في عالم اللغة الغير لفظية – لغة الجسد ونبرة الصوت؟

كصاحبة لشركة ويز إنترناشينال للتدريب والإستشارات، حاولتُ جاهدة الحصول على فرانشايز (امتياز) لأحد مزودي الشهادات العالمية في منطقتي، دون جدوى، إلى أن سمعت بأنهم فتحوا فرع في مدينة دبي، فاستعنت بصديق بريطاني صدف بأنه صديقٌ لمدير هذا الفرع ليساعدني بمقابلته. فسافرت الى دبي مستعدة تماما لهذه المقابلة، حضّرتُ مادة للعرض رائعة. وفي الإجتماع، عرضتُ المادة بحرفية تامة (هكذا اعتقدت). وبنهاية العرض، سألته بثقة: متى نلتقي ثانية لمناقشة التفاصيل؟ فمد يده ليسلم علي وهو يقول: شكرا عبير، النصف ساعة للقاء انتهت. وبالتأكيد، كلامه كان بمثابة صفعة على وجهي – تم رفض طلبي. استغربت واحترت بسبب الرفض. خصوصاً لأنني اشتغلت بجد لأكون جاهزة لهذا اللقاء. صديقي البريطاني قال لي: عبير، تحضيرك لمادة العرض كان ممتازاً، إنما حضورك كان ضعيفاً؛ لم تستطيعي توصيل ذبذبات شغفك لنا، ولم نستطع أن نشعر بإمكانية نجاحك للموضوع.

وبعد هذه الحادثة، سعيت بكل اهتمام لتعلم هذا العلم الرائع. وحصلت على شهادة معترف بها عالمياً، وأحببته جدا، وأصبح شغفي، لأنه أصبح لدي الوعي بأن مهما تكون رسالتك مهمة، فالأهم هو كيف توصلها للآخر. فاللغة الغير لفظية تُشكل ٩٣٪ من توصيل رسالتك

بعد عامين من هذه الحادثة، التقيت بالصدفة مع الشخص الذي قابلني في مطعم “فينتاج” في وافي مول في دبي خلال حضوري أمسية جميلة، وشاءت الصدف بأنني جلست على نفس طاولته. وبالتأكيد عرفته فورا، إنما هو لم يعرفني، فأنا أصلا لم أستطع ترك علامة لديه. تبادلنا أطراف الحديث خلال الأمسية، واندمجنا. وبنهاية الأمسية طلب مني كرتي. وعندما رآه قال: لقد مر علي هذا الكرت. فقلت: طبعا، فأنا هي التي قابلتها قبل عامين ورفضت طلبها قائلا “النصف ساعة انتهت”. أبدى علامات التعجب، وقال: عبير، لقد تغيرتي كثيراً. الآن أنا الذي أعرض عليك هذا الإمتياز، فما يزال ليس لنا أحد في منطقتكم

.سعدت لقوله كثيرا لأنني تأكدت بأنني أتقنت استعمال اللغة الغير لفظية – لغة الجسد ونبرة الصوت

.حادثة مزعجة ومحبطة فتحت لي آفاق لعلم رائع. والآن أنقل هذه المعرفة للكثيرين في العالم، وهي من أجمل وأمتع وأكثر دوراتي على الإطلاق

بعض الخطوات البسيطة لتكون شخصية مؤثرة

هناك العديد من الصفات والسلوكيات لتكون شخصية مؤثرة، وهنا بعض منها

ضع نيتك للذهاب الى المكان الذي أنت ذاهب اليه: هل أنت ذاهب للاجتماعيات؟ أم للتعرف وزيادة العلاقات؟ أم للحصول على فرصة عمل أخرى؟ وضعك للنية سيجعلك تستطيع التركيز بما تريد

ارفع ثقتك بنفسك: بالإضافة للقيام بوضعيات القوة للجسد الذي تكلمنا عنها سابقا، احرص على وضعية جسد تدعم ثقتك بنفسك، كجعل قامتك منتصبة، الظهر مستقيم، الكتاف للوراء، والرأس الى الأمام، المشية والوقفة واثقة. عليك أيضا أن تدعم نفسيتك داخليا من خلال قيامك بأفعال محفزة للطاقة الايجابية، كسماع للموسيقى السعيدة، قراءة كتاب تحبه، حضور مشهد مضحك، التسامر مع أصدقاء سعيدين وايجابيين. ذكر نفسك بنجاحاتك، وخطوة جميلة ومحفزة بأن تكافئ نفسك عندما تحقق شيء ما. كافئ ذاتك بأي شيء يترك عندك أثر تتذكره مهما كان رمزيا وبسيطاً. يُذكرك ب – نعم أستطيع

اجعل الآخر هو محور الحديث، ولا تدع الحديث ملكك. لان الانسان لا يتذكر ما قلته له من كلمات بقدر ما يتذكر كيف جعلته يشعر. مثلا اسأله “كيف حصل ذلك”؟ “ماذا تنوي أن تفعل لاحقاً”؟ …أيضا اجعل كل جذع جسدك متجه له هو ليشعر بأنك معه بالكامل

ركز بأن تُضيف قيمة للآخر خلال حديثك معه. لا تكن سلبيا خلال المحادثة. حتى لو حصل شيء لم يعجبك، تماسك وحوله لإيجابية

اجعل وضعية جسدك ودية، كالإبتسامة وميل الرأس قليلا للجنب. لاحظ المشاهير الذين يريدون ترك صورة ودية يضعون صورة البرفايل فيها ميل قليل الى الجنب

Image result for princess diana

أيضا أومئ رأسك قليلا وابتسم وأنت تسمع للآخر لتعزز الشعور عنده بأنك مستمتع جيد له

الانطباع الأول هو الأساس.. وهذه أبرز نصائحه

 أن الانطباع الأول هو الأساس لترك الصورة التي تود أن تطبعها بعقول الآخرين

ما أهمية الانطباع الأول؟

في معظم الحالات، يتاح لك فرصة واحدة لتسويق ذاتك أو منتجك، سواء كنت في مؤتمر، أو اجتماع مع ناس لأول مرة، أو أنك تبيع منتًجا لزبون محتمل، يجب أن تركز على كيفية عرض ذاتك بأفضل طريقة ممكنة خصوصا من خلال استخدامك لوضعيات الجسد المناسبة

هل يوجد هناك علم وراء ذلك؟

بالحقيقة، الناس أذكياء بتقصي المشاعر من خلال لغة الجسد، هل تعلم أن في30 ثانية فقط من حديث اثنين سوياً يصدران أكثر من800 إشارة غير لفظية؟ حتى لو كنت تتكلم ببلاغة، فإذا لغة جسدك لم تكن مناسبة فلن تترك الانطباع الجيد، وهذا لأن الإشارات غير اللفظية مؤثرة أكثر بـ 12إلى13 مرة من الكلمات المصاحبة لها

نعم….فإن طريقة دخولك للمكان، والجمل الافتتاحية، والتسليم باليد، وهندامك، وطريقة المحادثة، وإنهاءك للحديث، جميعها أجزاء ضرورية للانطباع الأول. لغة جسدك الصحيحة تعكس ما إذا كنت هادًئا أو واثًقا أو متمكًنا من ذاتك. في حالات العمل، فهي تساعدك في البيع، وجذب الناس للعمل معك، سواء كنت تريد أن تزيد الأثر في حياتك العملية أو الاجتماعية، يجب أن تترك انطباعا أولًّيا مهًّما، فنحن البشر نحكم على الناس من أول ثواٍن نلتقي بها بالشخص، وعلى الغالب رأينا به لا يتغير

النصائح التي يمكن أن تترك انطباع أول جيد

أوًلا: قبل ذهابك للاجتماع، ضع هدفك من الذهاب لهذا الإجتماع، أو المؤتمر، أو أي حدث كان. هل أريد أن أعمل صفقات عمل؟ أو فقط أريد تغيير جو؟ أو أريد أن أعرف عن نفسي ووجودي؟ من هم الحضور؟ من هو المضيف؟ يجب أن توضح لنفسك هدفك للذهاب، توضيح هدفك يساعدك على معرفة الطريقة المناسبة لعرضك لنفسك

ثانًيا: التسليم باليد – لا تكن اليدين مبللة بالعرق، فهي تدل على التوتر، ولا تهز اليدين كثيراً فهي تدل على الضعف. كذلك تجنب التسليم بأطراف الأصابع لأنها طريقة سيئة جًدا، فهي تُترجم  بالبرود وعدم الاكتراث، كما أنه لا يجب التحسس خلال التسليم فهي تدل على الغزل، سلم بثقة واهتمام

ثالًثا: قف وقفة الواثق من نفسه:لا تحني أكتافك، ولا تخفض رأسك، ولا تحدب ظهرك ولا تخفي يديك، فجميعها تعكس عدم الثقة بالنفس بل أظهر يديك، مثًلا، ضعهما على جانبك، وانصب قامتك وافتح صدرك، وارِخ كتفيك، ورأسك مرتفع، قف وقفة الواثق والمتمكن من ذاته.

رابًعا: تأكد من التخلص من سلبية يومك قبل الذهاب للحدث، فمن السهل على الآخر أن يقرأ مزاجك، وهذا يعكس على حديثك معهم، وبالتالي يترك انطباًعا سيًئا عنك

خامًسا: هندامك يعكس شخصيتك، انتبه للألوان والحلي والنظافة، عدم تقليم أظافرك تقول الكثير عنك، البس اللباس المناسب للحدث، فمثًلا، الساعة تقول الكثير عن الرجل، والشنطة تقول الكثير عن المرأة، والألوان تعكس مزاجك وشخصيتك، فمثًلا الأحمر يدل عل الشغف، والبرتقالي على النشاط والحيوية، إنما الأزرق على الهدوء والتركيز، وهكذا

سادًسا: احرص على أن تقف وقدماك متجهتان نحو الشخص الآخر لتدل على كامل انتباهك واهتمامك به، القدمان المفتوحتان خارج الحلقة تدل على أنك مفتوح للحديث مع آخرين، وليس بكامل تركيزك مع الشخص المقابل

سابًعا: أبهر الآخرين بجملك الافتتاحية، وطريقة تقديمك لكارتك الشخصي، وحديثك، وكيفية إنهاء الحديث

ما هي الجمل الإفتتاحية القوية التي يمكن من خلالها تقديمك لشخصك؟ أبسط جمله للبدء هي: مرحبا، كيف حالك…أنا فلان. – لا تعرف نفسك بأن تقول: اسمي فلان أبًدا أبًدا، فهذا يعكس شخصية غير واثقة – قم خلال الحديث استخدام جمل الكاريزما التي تجعل المقابل يخبرك عن نفسه دون أن يشعر – لا تقول له: ما هي الأخبار؟ إطلاًقا، فهذه جملة غيرُمحفزة.  مثًلا اسأله: ما هو شغفك بعملك؟ وتستطيع أن تعمق أكثر بالحديث لاحًقا، كأن تسأله: ما هي رسالتك التي تحملها من خلال عملك؟ واحرص أن تبهره بحديثك لتراه يرفع حاجبيه بانبهار، فهذا يدل على اهتمامه بما تقول، كما أخبره قصة قصيرة تهمه، ولكن احرص على أن لا تكن نرجسًيا بالحديث، ومن ثم اسأله عن قصة تخصه، ليكون النقاش به كلام واستماع عادلين

أضف إلى ذلك، من الضروري أن تجعل الطرف الآخر يشعر بأنه ذو قيمة خلال حديثك، لأنه علمًيا، إذا كنت تستطيع أن تجعل شخصا ما يشعر بأهميته من خلال حديثك معه، فإنك سوف تكون جذاًبا ومثيرا بالنسبة له، كذلك كن متجاوًبا بالحديث. مثًلا إذا الطرف الآخر سألك من أي مدينة أنت، جاوبه، ومن ثم اسأله، وأنت؟

 

وفي نهاية الحديث من قبل الشخص المقابل تواصل معه بالعيون، وهز برأسك3 هزات خفيفة كأن تقول له أكمل حديثك، فهذا يعمق الحديث بينكم أكثر

كيف لنا أن ننهي الحديث بلباقة؟ حّول محور الحديث من الحاضر للمستقبل، كأن تقول: ماذا تنوي أن تعمل اليوم؟ أو دعنا نلتقي الأسبوع القادم.