لماذا يستمعون له، ولا يستمعون لي؟

في هذه الأيام هناك الكثير من الحديث عن الخروج من الظلام والدخول الى عالم القوة والثقة. الكثير منا يتكلم، ولكن ليس جميعنا يتم الاستماع إليه. لماذا؟ لماذا يستمع الناس للبعض دون غيرهم؟ ما الفرق بين الأشخاص الذين يُسمع لهم ومن لم يُسمع لهم؟ كيف يجب أن نتكلم (ونكتب) لنجعل الآخرين يولوننا الإهتمام ويحترموننا؟

كيف؟ بمجرد أن نتعلم التحدث بوضوح وثبات وثقة، يجب أن نتعلم التحدث بقوة. قد نكون دون وعي نستعمل لغة الضعف. كلماتنا تقول شيئًا، ولكنها تحمل معنى “لست متأكدًا مما إذا كان ما أقوله صحيحًا تمامًا.” مهارات التواصل الضعيفة تمنع قدرتنا على تمكين أنفسنا في مجال الأعمال والحياة الخاصة. في هذا المقال، أدرج بعض النصائح لتحويل التواصل الضعيف إلى تواصل قوي

تجنب المبالغة بالتعبير

المبالغة المفرطة تضعف رسالتك، وتجعلك تبدو مترددًا وغير متأكداً. كما أن هذه الكلمات لا تضيف أي معنى للمحتوى. ابحث عن طريقة لإزالة مثل هذه الكلمات من جملك

بعض الشيء، القليل، في الأساس، جدا، تماما، مجرد، نوع من، خاصة، المحتمل، الى حد كبير، بدلا، حقا، نوعا ما، ما يزال، حقا؟، كثيرا جدا… وغيرهم.

:لاحظ الفرق بين

ضعيف: برنامج التأمين الصحي الجديد هو حقا معقد

قوي: برنامج التأمين الصحي الجديد معقد

ضعيف: هذا التحليل يعتبر ضعيفاً بعض الشيء

قوي: هذا التحليل يعتبر ضعيفاً

ضعيف: نحن فعلاً الشركة المثالية لطلبكم

قوي: نحن الشركة المثالية لطلبكم

ضعيف: هذا الشيء الذي تفعله خطيراً جداً

قوي: هذا العمل خطير

الضحك سريعا وقليلا بعد قول كل جملة

عندما تضحك قليلا وسريعا بعد قولك لكل جملة فأنت حتما شخصاً خجول قليلا وغير واثق من نفسك، ولهذا تضحك لتقلل من حدية ما تقول على الآخر.

جمل الإحاطة

“فى رايى،””بوضوح،””المقصود هو…”  “أظن…”  “أعتقد…”  “انا اشعر…”  “أقترح – أرى – أحبذ…”  ”   “لا أعرف الكثير عن ___ ، ولكن …”

ضعيف: في رأيي، أعتقد أن المعروض في السوق سيتحسن بحلول فصل الصيف

قوي: يجب أن يتحسن المعروض في السوق بحلول الصيف

قوي: يتوقع الاقتصاديون أن يتحسن عرض السوق بحلول الصيف

ضعيف: نأمل في جمع أكثر من خمسين ألف توقيع هذا المساء

قوي: نخطط لجمع أكثر من خمسين ألف توقيع هذا المساء

ضعيف: برأيي أننا بحاجة إلى التركيز على المساواة بين الجنسين في القوى العاملة. أعتقد أن هذا هو وقت التغيير وأؤمن أيضًا أن وسائل الإعلام تقف إلى جانبنا

قوي: نحن بحاجة إلى التركيز على المساواة بين الجنسين. هذا هو وقت التغيير، والوسائل الإعلامية في صالحنا.

أن تضع حاجتك في بداية الجملة بدلا من الموضوع الأساسي

ضعيف: احتاج التقرير على مكتبي في ظهر هذا اليوم

قوي: التقرير يجب أن يكون على مكتبي في ظهر هذا اليوم

الشيء الذي تبدأ به الجملة يأخذ الحصة الأكبر من الاهتمام

الكلمات اللازمة مثل:

فهمت علي، فاهم قصدي، أنا أعتقد، اها، لا مأنت مش فاهم، غالبا يبدأ جملته بكلمة لا، يبدأ جملته بأنا….، لالالالا، أحاول، القصة هي……، على أساس….، وغيرهم الكثير.

يتكلم الكثير عن ذاته، ويجعل نفسه محور الحديث.

انتقاء الكلمات يُحدث فرق

الكلمات تُحدث فرق، نسمع هذه الجملة مراراً وتكراراً

هل تعلم أن الكلمات التي تلفظها لها تأثيرها على الآخرين؟ بالطبع تعلم. إذن، لماذا لا نزال نتجاهل تلك الحقيقة عندما نتفوه بها؟

التفوه بالعبارات الضعيفة قد تؤدي الى نزاعات دون داعي، فالإنسان الطبيعي بإمكانه التفوه ب ٢٠٠ كلمة/د، والأشخاص السريعي الكلام بأمكانهم التفوه بسرعة ٦٠٠ كلمة/د، إنما المفاجأه هي، ان التكلم مع الذات، قد يصل الى درجة ال ٨٠٠ كلمة/د، وطبعا أغلبها يكون كلام سلبي. وهذا وحده كاف لعمل نزاع وخلاف وسوء فهم مع الآخر، سواء بالعلاقات الشخصية او بمكان العمل. وبالإضافة لكل هذا، لا نستطيع أن ننسى بأن التفوه بالعبارات الضعيفة ممكن أن تُظهرك بمظهر الإنسان الضعيف الغير متمكن والغير واثق من نفسه

هل هذه العبارة تبدو مألوفة لديك؟ “يا الهي، لماذا قلت هذا؟ ما كان علي قول ذلك” خصوصاً عندما تلفظ بلا مبالاة شيء ما لصديق أو لأخت أو لزميل، أو ما هو أسوأ من ذلك، لزوج – يؤذي الشخص الآخر بعمق. فبدون أن تُدرك، يمكنك أحيانًا أن تكون متألماً ومؤلماً

لا يهم أنك “لم تكن تعني ذلك” أو أنك كنت “فقط تمزح”. ففي بعض الأحيان، كل ما تفعله هذه الكلمات هي أنها تؤذي، أو أنها تُشجع الحديث مع الذات، مما قد يؤدي لنزاع دون داعي. عندما تتفوه بعبارات ضعيفة تتحمل كامل المسؤولية. عليك التدريب على استبدالها بالعبارات القوية التي تساعدك على الوصول لمُرادك بكل سلاسة مع الآخر

لا يمكنك التحكم في ردود أفعال الآخرين، ولكن يمكنك أن تكون على علم بكيفية تأثير لغتك على الآخرين

على الرغم من أن العلاقات مع الآخرين قد تكون معقدة ومربكة، إلا أن الكلمات تعطينا القدرة على التعبير عن أنفسنا والتواصل مع الآخرين. الكلمات هي من بين أقوى الأدوات المتوفرة لدينا، فنحن الذي نختارها. اختر كلماتك لأقصى قدر من التأثير، من أجل تحقيق التواصل الفعال ولتظهر كانسان ذو تواصل مُحترف وواثق من نفسك، فتستطيع تحقيق ما تريد

في برنامج “تكتيكات التواصل الحرفي الفعّال” ستتدرب على استبدال العبارات الضعيفة بعبارات قوية تساعدك على تحقيق مرادك مع الآخرين دون التسبب لأي نزاع، وأنت تظهر بمظهر الإنسان القوي والمتمكن والواثق والراقي والمحترف

استبدال هذه الخمس العبارات الضعيفة يُحدث فرق

العبارة الضعيفة: “لا تفهمني بطريقة خاطئة…” العبارة القوية: لاشيء – حذف وتطهير

في المرة المقبلة وبدلاً من قول، “لا تفهمني بطريقة خاطئة…” أو “لا أقصد التقليل من شأنك، ولكن…”  “مع احترامي الشديد لك، ولكن”   قم بالتوقف قليلا، ولا تقل شيئاً. وقم بتحليل الفائدة/الثمن.

   فالخيارات تؤكد بعدم وجود فائدة مما أنت مُقبل على قوله، حيث أنه ببساطة يُعتبر قول هجومي. ليس هناك عبارة قوة لإستخدامها كبديل: إنها عبارة محذوفة

عبارة ضعيفة: “فكرة”        عبارة قوية: حل/ إجابة/ إقتراح

عندما يواجه الأشخاص مشكلة ما تحتاج لحل، أو تحدٍ يواجهونه، فإنهم لا يرغبون بتلقّي مجرد أفكارٍ. من ناحية أخرى، فإن عبارة، “لدي فكرة”، ليست بلغة قوة. إن قمت باستبدالها بقول عبارة “لدي حل”، سيتقبلونك الناس أكثر، وكن أكثر ميلاً للإعتقاد بكونك – حلّالاً للمشاكل

“العبارة الضعيفة: “لا أوافقك الرأي”   العبارة القوية: “إنني أراه بشكل مختلف./ إنني أراه بطريقة أخرى

في المرة المقبلة وحينما تكون مقبلاً على إخبار شخصٍ ما بعدم موافقتك له، حيث أنه يعمل على مجرد إثارة الشخص الذي تحدّثه وتسريع حديث الذات لديه. فبدلاً من ذلك، حاول التحدث حول كيفية رؤيتك للأمر، مثلاً “أراها بطريقة مختلفة” أو “عندي رأي آخر للأمر”، وراقب كيف سيكون رأيك أكثر قبولاً واعتباراً

عبارة ضعيفة: “النقد البناء” عبارة قوية: تغذية راجعة أو رأي آخر، أو وجهة نظر 

إن عبارة، “النقد البناء” ليست فقط عبارة قديمة الطراز، لكنها أيضاً ليست دقيقة تماماً. إن استخدام عبارة “تغذية راجعة” أو “وجهة نظر” هم أكثر قوةً، وصدقاً، وفعاليةً عند حاجتك لنقد شخص ما. ملاحظة: تذكّر، دائماً قم بسؤال الشخص المتلقّ إن كان يرغب بسماع رأيك أولا قبل إعطاؤه اياه

العبارة الضعيفة: “اهدأ .”  العبارة القوية: “إنني متفهماً ….” أو  – إنني أرى

إن كان هناك شخص منزعج، فإن أسوأ ما يقال لتهدئته هي قول عبارة، “إهدأ”. الموافقة معهم هو ما يبحث عنه الأشخاص في هذا الوضع. قم بإعطائها لهم. عبارة بسيطة ك “أستطيع أن أرى/ ألاحظ كم أنت منزعج”. أو “إنني مدركاً لسبب غضبك”. إن هذا يساعد على حصولهم على الموافقة على سبب غضبهم، وهذا من شأنه يمتص ولو القليل من غضبهم. ملاحظة: تذكر قول، “إنني متفهماً سبب غضبك تماماً،” بدلاً من قول “إنني أعرف تماماً بماذا تشعر” أو التعبير عن أي شيء يوحي أنك أنت أيضاً قد مررت ما مر به هذا الشخص. قم بإخبار الناس بأنك متفهماً لسبب شعورهم بهذه الطريقة- ولا تقل بأنك شاعر معهم أو تعرف كيف يشعرون، لأنه ببساطة سيكون الجواب  – لا، أنت لا تعرف كيف أشعر وانت ليس بالموقف-                                                                                  

ما الذي دفعني للتعمق في عالم اللغة الغير لفظية – لغة الجسد ونبرة الصوت؟

كصاحبة لشركة ويز إنترناشينال للتدريب والإستشارات، حاولتُ جاهدة الحصول على فرانشايز (امتياز) لأحد مزودي الشهادات العالمية في منطقتي، دون جدوى، إلى أن سمعت بأنهم فتحوا فرع في مدينة دبي، فاستعنت بصديق بريطاني صدف بأنه صديقٌ لمدير هذا الفرع ليساعدني بمقابلته. فسافرت الى دبي مستعدة تماما لهذه المقابلة، حضّرتُ مادة للعرض رائعة. وفي الإجتماع، عرضتُ المادة بحرفية تامة (هكذا اعتقدت). وبنهاية العرض، سألته بثقة: متى نلتقي ثانية لمناقشة التفاصيل؟ فمد يده ليسلم علي وهو يقول: شكرا عبير، النصف ساعة للقاء انتهت. وبالتأكيد، كلامه كان بمثابة صفعة على وجهي – تم رفض طلبي. استغربت واحترت بسبب الرفض. خصوصاً لأنني اشتغلت بجد لأكون جاهزة لهذا اللقاء. صديقي البريطاني قال لي: عبير، تحضيرك لمادة العرض كان ممتازاً، إنما حضورك كان ضعيفاً؛ لم تستطيعي توصيل ذبذبات شغفك لنا، ولم نستطع أن نشعر بإمكانية نجاحك للموضوع.

وبعد هذه الحادثة، سعيت بكل اهتمام لتعلم هذا العلم الرائع. وحصلت على شهادة معترف بها عالمياً، وأحببته جدا، وأصبح شغفي، لأنه أصبح لدي الوعي بأن مهما تكون رسالتك مهمة، فالأهم هو كيف توصلها للآخر. فاللغة الغير لفظية تُشكل ٩٣٪ من توصيل رسالتك

بعد عامين من هذه الحادثة، التقيت بالصدفة مع الشخص الذي قابلني في مطعم “فينتاج” في وافي مول في دبي خلال حضوري أمسية جميلة، وشاءت الصدف بأنني جلست على نفس طاولته. وبالتأكيد عرفته فورا، إنما هو لم يعرفني، فأنا أصلا لم أستطع ترك علامة لديه. تبادلنا أطراف الحديث خلال الأمسية، واندمجنا. وبنهاية الأمسية طلب مني كرتي. وعندما رآه قال: لقد مر علي هذا الكرت. فقلت: طبعا، فأنا هي التي قابلتها قبل عامين ورفضت طلبها قائلا “النصف ساعة انتهت”. أبدى علامات التعجب، وقال: عبير، لقد تغيرتي كثيراً. الآن أنا الذي أعرض عليك هذا الإمتياز، فما يزال ليس لنا أحد في منطقتكم

.سعدت لقوله كثيرا لأنني تأكدت بأنني أتقنت استعمال اللغة الغير لفظية – لغة الجسد ونبرة الصوت

.حادثة مزعجة ومحبطة فتحت لي آفاق لعلم رائع. والآن أنقل هذه المعرفة للكثيرين في العالم، وهي من أجمل وأمتع وأكثر دوراتي على الإطلاق